الخميس، أكتوبر ٢٥، ٢٠٠٧

"شيكاجو" نظرة مكروسكوبية على الواقع المصرى


بالرغم أنى ترددت كثيرا قبل أن أن أشترى رواية علاء الأسوانى الأخيرة "شيكاجو" لغلاء ثمنها بشكل مبالغ فيه الا أنى لم أقاوم رغبتى الشديدة فى أكتشافها ومعرفة مضمونها وهل ستكون بمستوى الرواية السابقة , قرأت الرواية بسرعة كعادتى مع ألاسوانى الذى يدفعك أسلوبه المتسلسل أن تكمل مابدأته كمكتشف مقبرة فرعونية يقف على درجاتها المؤدية الى بابها ويمنعه شغفه من الصعود وترك أكتشافه.....
لم يتغير أسلوب الكتابة فهو نفس أسلوب روايته السابقة فيما عدا أنه ترك بعض شخصياته تتحدث عن ما يدور حولها فى صورة مذكرات شخصية كتلك التى كان يكتبها "ناجى عبد الصمد" الشاعر الطبيب الثورى والمعارض للنظام ......
العمل هذه المرة يدور حول مجموعة من أبناء الطبقة المتوسطة المصرية المتفوقيين علميا والمبعوثيين الى أمريكا للدراسة ....كلهم متشابهيين فى الدراسة الا أنهم مختلفيين البيئات ف"شيماء المحمدى "الطنطاوية المنشأ والقروية الطابع و"طارق" القاهرى أبن العائلات و"كرم دوس" القبطى المهاجر منذ فترة الى أمريكا هربا من الأضطهاد الدينى " على حد تعبيره" وصولا الى" صفوت شاكر" رجل الأمن والمخابرات المصرى والذى رسمه الأسوانى بنفس الصورة الحادة العنيفة السادية الطباع والملامح حتى ننتهى ب"أحمد دنانة " القروى اللبلابى بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ....
أثبت الأسواتى أنه سيظل معارض لا يتزحزح ضد النظام المصرى الحاكم , فالعمل يحمل شحنة نقد ورفض قاسية خاصا فى فصله الذى تحدث فيه عن زيارة السيد رئيس الجمهورية الى مقر القنصلية المصرية فى شيكاجو
فى بعض الأحيان شعرت أن تتابع الأحداث متوقعا وفى أحيان أخرى صدمت ببعض الأحداث كنهاية "د. صلاح " الذى لم يتحمل هزيمته أمام الخوف المتجزر بداخله عندما تراجع عن قرأة بيان المعارضة أمام رئيس الجمهورية وقرر الأنتحار بديلا فقد شعر أن الموت السريع سيكون بالتأكيد أسهل بمراحل مما سيلاقيه أذا قرأ البيان......
أشعر أن أراء الأسوانى كانت متجسدة بشكل فيه مباشرة فى بعض الأحيان فكان هذا واضح على لسان شخصياته عندما ناقش المد الوهابى فى مصر وما نتج عنه من أنتشار الدين الشكلى فى المجتمع المصرى
وأيضا ناقش الأجهاض وغيره من القضايا والتى تجعل القارئ فى حالة أستثارة متواصلة ليس سببها الجنس الذى يملأ الرواية والموظف بحنكة لخدمة العمل ولكن لصعق المتلقى المتواصل بتلك الجدليات الفكرية ...
تحدث الأسوانى عن أحد أهم القضايا والتى طرحها بموضعية فى هذا العمل وهى مشاكل الأقباط فى مصر ودلل ألأسوانى أن ما يحدث فى مصر هو سلوك متطرف من بعض المصريين المنغلقين فكريا كالدكتور بلبع الذى رفض أن يستمر كرم دوس القبطى فى قسم الجراحة لمجرد أنه قبطى ولا تزال كلمة"خواجة" التى أستخدمها بلبع فى الحديث مع كرم بمثابة علامة على هذا السلوك ومع ذلك فقد أنهى الأسوانى القضية بأن الضحية قد سامحت الجانى بأن وافق كرم دوس جراح القلب الشهير على اجراء جراحة دقيقة لأستاذه بلبع المتطرف والذى يطلب منه فى النهاية ان يسامحه....
أراد الأسوانى برمز "علم الأنسجة " أن العمل هو يمثابة فحص مكرسكوبى لأنماط مختلفة من المصريين المتفوقيين فى نظر وطنهم ليكشف عن ما بهم من تشوهات وخلل ظهر جليا بعد ان تغيرت البيئة المحيطة عندما أنتقلوا الى مجتمع مفتوح مثل أمريكا مملوء بالحرية والتى يثبت الأسوانى أنها أصبحت فى زمن الماضى هناك بعد 11\9 وماطرأ على الولايات المتحدة من حالة فوبيا أمنية جعلت الدولة الديموقراطية تتعاون أمنيا مع أعتى الأنظمة القمعية فى عالمنا العربى والأسلامى
هناك تسؤال لم أستطع الأجابة عليه وهو كيف دخل "ناجى " الثورى المعارض للنظام كمبعوث على نفقة الدولة التى رفض نظامها تعيينه فى الجامعة بنأ على تقارير أمن الدولة , ربما يرد الأسوانى بذلك أن النظام يسمح لمعارضيه بترك البلد من أجل أن يتخلص منهم للأبد بأن يهاجروا خارج بلدانهم وأن ثبت خطأ ذلك فى الرواية فى حالة "ناجى " الذى تحرك كعادته فى الولايات المتحدة كمعارض مما أدى الى النهاية المأساوية عندما أتهم من قبل أجهزة الأمن الأمريكى بالأرهاب بنأ على معلومات ملفقة من الأمن المصرى لتبدأ رحلة التعذيب والتنكيل دون أية محاكمة أو عدالة.

مجتمع المدونين المصريين