السبت، سبتمبر ٠١، ٢٠١٨

عرق البلح ....صرخة من قلب مصري


تقريبا لا يخلو فيلم عميق و مصنوع بعناية ويتحدث عن الوطن وآلام أبناءه الا أذا تناول حال القرية المصرية و ما ألم بها من تغييرات..... 
سمعت كثيرا عن فيلم "عرق البلح " للراحل رضوان الكاشف و تأكدت كعادتي بعد مشاهدة تلك اللوحة الفنية و قصتها العميقة المؤلمة أن السينما الحقيقية هي ممر الفنان المبدع للخلود حيث أن الفنان يخلد ذكراه عمل فني عالي يستحق البقاء في وجه الزمن.... 
الفيلم يتناول بقسوة ومرارة أزمة الفلاح المصري الذي ترك أرضه و أهله من اطفال ونساء (خبيأته) علي حسب تعبير المؤلف ذاهبا الي الخليج و أمواله غير مدرك أنه بجمع المال هناك فهو يخسر الحياة نفسها و يترك أرضه للبوار والخراب...
من الملفت أن المؤلف هو نفسه المخرج ابن الصعيد " رضوان الكاشف " والذي يبدو أن قضية هجرة الفلاح المصري تؤرقه و تحرك به طاقات الفنان....
الفيلم تم تصويره في واحة الداخلة و الحوار يتنقل بين لغة الصعيد والبدو بشكل أشبه لرواية دعاء الكروان لعميد الادب طه حسين....
الفيلم نسائي البطولة بينما الرجال فيه ضيوف شرف وهذا الوضع كان مقصود من المؤلف....
الراحل القدير " حمدي أحمد " كان تمثيله صامتا طوال العمل ورمز الكاتب به في رأيي الي الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر " الذي أسس القرية كما في الفيلم ثم ألم به المرض "هزيمة 76 ثم الموت " ليري نهاية القرية التي أسسها برحيل أهلها عنها وتركها كواحة أشباح..... تذكرت أيضاً دور الراحل عماد حمدي في فيلم سواق الاتوبيس وكيف بيعت ورشته في النهاية أمام عينه ليموت متحسرا في نهاية الفيلم...
كل فناني العمل كانوا في حالة من التوهج الفني ولكني هنا أخص بالذكر شريهان وعبدالله محمود وهما في رأيي من أقوى من عبر فنيا عن الصعيد بشكل أقرب الي الجداريات في المعابد....
أخيرا.....تحية الي روح الفنان الكبير رضوان الكاشف الذي صنع تلك اللوحة الفنية كصرخة من قلب مصري تعبر عن وجع من أوجاع هذا الوطن ربما يعود المهاجر الي واحته وأهله وخبيئته.......

مجتمع المدونين المصريين