الأحد، أغسطس ١٣، ٢٠٠٦


رجل القلعة... والقلعة لا تحمي رجلها!
لم أدرك روعة أن تدور أحداث العمل المسرحى بين المتفرجين إلا عند مشاهدة العرض المسرحي (رجل القلعة) للنجم (توفيق عبد الحميد) على مسرح الغد. عند دخولك إلى المسرح تجد مجموعة من القصاصات المعلقة على لوحات خشبية على يمينك ويسارك، هذه القصاصات تحمل نقدا للعمل علقت لتكون بمثابة لوحة شرف لما حققه هذا العمل من نجاح خلال فترة عرضه...لم أشأ أن أقرأ تلك القصاصات حتى لا أكون فكرة مسبقة عن العمل قبل أن أراه.
بدأ العرض الذي وجدت نفسي في داخله نظرا لطبيعة المسرح التجريبي التي تجعلك تغرق في العمل خصوصا لو كان بقوة هذا العرض.
تدور المسرحية في إطار تاريخي في فترة حكم (محمد علي) الذي أصيب بنوع من الـ"هلاوس" التي جاءت إثر صدمة هزيمة جيوشه على يد الدول الغربية مما جعله يتذكر "عمر مكرم" الذي كان يمثل كلمة الشرف بالنسبة له وحاولت أسرته علاجه عن طريق إعادة تمثيل الأحداث مرة أخرى بالاستعانة بأشخاص مشابهين لعلهم ينجحون في إعادته إلى صوابه.
يتشابه العمل إلى حد كبير مع "ماكبث" للأديب الإنجليزي شكسبير في صورة تشابه الصراع الداخلي للبطلين بالإضافة إلى فكرة التخيلات والندم على ما فعل.
يرمي الكاتب أبو العلا السلاموني إلى ما هو أكثر من التاريخ فهو يطرح قضية الديمقراطية ففي حين مثل عمر مكرم إرادة الشعب يمثل محمد علي إرادة السلطة التي لم تقبل بإرادة الشعب كشريك في الحكم مبررا ذلك بأنه هو وحده فقط الأعلم بما فيه مصلحة البلاد. ويثبت الكاتب من خلال الأحداث النهاية التي وصلت إليها إرادة السلطة متمثلة في الهزيمة الثقيلة لمحمد علي والذي لم يجد أي مساندة من الشعب الذي التف حول عمر مكرم.
مهما كتبت لن أعبر عن مدى تقديري لأداء (توفيق عبد الحميد) الذي تقمص الدور بشكل أذهل الجميع، لكن الاكتشاف في هذه المسرحية هو الفنان (أشرف طلبة) الذي تساوى تقريبا في الأداء مع (توفيق)، لم أكن أدرك حجم الطاقة الفنية التي لم تجرب في أعماله التلفزيونية من قبل وأتساءل: كيف لم يتم اكتشاف هذا الفنان من قبل في عمل تلفزيوني يستحقه بدلا من التكالب على مجموعة من الممثلين متوسطي الموهبة بشكل يثير الدهشة.
(رجل القلعة) هي تجسيد لحقيقة أن القلعة - كانت وما زالت رمزا للسلطة والطغيان - لا تحمي من بداخلها بقدر ما قد يقدمه الشعب للحاكم وأن محمد علي الذي رفض السكنى بجوار الشعب في القاهرة وفضل الاحتماء بنفوذ وهيبة القلعة أصبح حبيسا لشهوة السلطة والتي أدت نهايته، لذا فالعمل بمثابة دعوة إلى حكامنا الذين استبدلوا القلعة بالقصور ليعودوا إلى إرادة شعوبهم!

مجتمع المدونين المصريين