الاثنين، سبتمبر ٠٣، ٢٠١٨

حوارات فكرية مع صديقي اليسارى .....1 أنور السادات ...ما له وما عليه !!!


بدأت الحديث مع صديقي اليساري المخضرم متناولا رأي  الرئيس السيسى فى الرئيس الأسبق أنور السادات  فى حواره مع المخرجة ساندرا نشأت قبيل الأنتخابات الرئاسية الماضية و تقديره أن السادات قد ظلم فى التقدير وأنه كان يملك بعد نظر وبصيرة سياسية فى مسارعته فى عقد أتفاقية السلام المصرية الأسرائيلية رغم معارضة الجميع فى ذلك الوقت وعلى رأسهم القوميون والناصريون واليساريون.
ذكرت صديقى أيضا بأراء السادات فى مجموعة من القضايا الدولية وقتها كرأيه مثلا فى صدام حسين بأنه مغامر و سيودي بالعراق للخراب و رأيه فى أن ثورة الشعب الأيراني أنها أصبحت ثورة دينية ورأيه فى حكم حافظ الأسد والعلويين فى سوريا أنهم "بلطجية" وهذا كله قد ثبت صدقه مع مرور الزمن.
بدأ صديقى فى التأكيد على مجموعة من النقاط المركزية لبدأ تقييمنا لعصر السادات ....
أولها: أن التاريخ لا يتم الحكم عليه بالمشاعر والكلام ولكن بتحليل المواقف ونتائجها و تقييمها فى ضوء ظروف حدوثها وملابستها والنتائج المترتبة عليها 
ثانيها: لا يتم الحكم على السياسي بموقف واحد فقط أو بسياسة خارجية دون الداخلية أو داخلية دون الخارجية بل التقييم يكون عام وشامل 
أكدت أنا بدورى أن الأستقطاب الفكرى هو سيد الموقف وهناك من يعتقد أن السادات كان له بالغ الضرر على الوطن وهناك من يعتقد أنه كان بطلا من أبطال هذا الوطن و ظاهرة سياسية لن تتكرر... ولذا بتقييم موضوعى لفترة حكمه أصبح ضرورة ملحة للأجيال القادمة.
بدأت أنا وصديقى فى صياغة أفكارنا فى مجموعة من النقاط وكعادته بدأ هو فى التذكير بالنقاط الأتية 
1- بالنسبة لما ذكره الرئيس السيسى فأنا أتفق معه ولكن ليس بشكل كامل ....الحرب لم تكن لتستمر للأبد بيننا وبين الكيان الصهيونى حيث أنها ستكون نوع من العبث ولكن حتى الرئيس عبد الناصر لم يكن يسعى للصدام أو القتال الى مالانهاية ولكنه كان موافق على تقسيم 47 الخاص  بالأمم المتحدة وهذا مارفضته أسرائيل والغرب. نعم السادات كان يملك نظرة مستقبلية بأيمانة بحتمية أنتهاء الصراع ولكن يجب أن يكون السلام شامل وعادل لكل العالم العربي وليس فقط لمصر على حدة وما حدث للأسف أن مصر أخرجت من الصراع وتم عقد سلام منفرد مع الجميع دون الوصول لأفضل النتائج للجميع. 
2- حرب أكتوبر كانت حرب ناجحة بأمتياز ويحسب له أتخاز القراروجرائته  ولكن السياسة المتسرعة للسادات فى الوصول لتفاهم مع أسرائيل قلل من مكتسباتها.
3- بالنسبة لأراء السادات السياسية فى صدام و حافظ الأسد والملالى فى أيران فكلها صحيحة و تقدير سياسي سليم لأي مفكر سياسي وقتها فمابالنا برئيس مصر القادم أصلا من بوابة العمل السياسي فى الفترة الملكية.
أتفقت مع صديقى فى كل ماسبق وأن كنت أختلف معه أن مافعله السادات كان حتميا ولا مفر منه وذلك للعديد من الأسباب وقتها :
1- لن تستطيع مصر الصمود فى حرب طويلة الأجل أمام أسرائيا خصوصا مع الدعم الأمريكى الا نهائي 
2- أستمرار أحتلال سيناء ومرور الوقت لم يكن فى صالح مصر و الجولان خير شاهد على ذلك.
3- لم يكن السادات يرى أن مصير مصر مربوط بمصير العالم العربي المنقسم و البدائي ولا مع السوفييت الذين يستغلون مصر كاكارت للتفاوض مع الغرب وأثبت الوقت أن رهانته كانت فى محلها.
بدأنا وصديقي تعديد الأخطاء القاتلة للسادات والذى بدأ صديقى اليسارى المخضرم والذى عاصر تلك الحقبة كأحد من تأثر بتلك الفترة بشكل شخصي مع تأكيده على الموضوعية  فى التقييم وكانت كالأتى: 
1- أستخدام السادات لكارت التيارات الأسلامية الأصولية لضرب التيار الأشتراكى والقومى وقتها مع تغذية الروح الطائفية فى المجتمع و ذلك أدى فى النهاية الى تغلغل الوهابية بدلا من الأسلام الوسطى وسيطرته على الشارع وأنتهت الأمور الى تمكن هذا التيار من التحكم بالشارع المصرى وانتهاء فترة التقدمية الفكرية  المصرية و كان السادات هو على رأس الضحايا بأغتياله على المنصة بشكل درامي مؤسف.
2- التوجه الأقتصادى الأنفتاحى للسادات والذى أدي الى فتح السوق المصرى للأستهلاك ونهاية فترة الأنتاج الناصرية.
وفى نهاية حديثى مع صديقى أكد على أن نعم.... السادات كان سياسي ماكر ولكن مكره كان نابع من تمرسه فى التنظيمات السرية هو ورفاقه من تنظيم الظباط الأحرار هذا المكر الذى يحمى صاحبه كفرد ويمكنه من تحقيق أهدافه لكن أدارة الأوطان والتفكير الأستراتيجي هو شئ أخر.
  

السبت، سبتمبر ٠١، ٢٠١٨

عرق البلح ....صرخة من قلب مصري


تقريبا لا يخلو فيلم عميق و مصنوع بعناية ويتحدث عن الوطن وآلام أبناءه الا أذا تناول حال القرية المصرية و ما ألم بها من تغييرات..... 
سمعت كثيرا عن فيلم "عرق البلح " للراحل رضوان الكاشف و تأكدت كعادتي بعد مشاهدة تلك اللوحة الفنية و قصتها العميقة المؤلمة أن السينما الحقيقية هي ممر الفنان المبدع للخلود حيث أن الفنان يخلد ذكراه عمل فني عالي يستحق البقاء في وجه الزمن.... 
الفيلم يتناول بقسوة ومرارة أزمة الفلاح المصري الذي ترك أرضه و أهله من اطفال ونساء (خبيأته) علي حسب تعبير المؤلف ذاهبا الي الخليج و أمواله غير مدرك أنه بجمع المال هناك فهو يخسر الحياة نفسها و يترك أرضه للبوار والخراب...
من الملفت أن المؤلف هو نفسه المخرج ابن الصعيد " رضوان الكاشف " والذي يبدو أن قضية هجرة الفلاح المصري تؤرقه و تحرك به طاقات الفنان....
الفيلم تم تصويره في واحة الداخلة و الحوار يتنقل بين لغة الصعيد والبدو بشكل أشبه لرواية دعاء الكروان لعميد الادب طه حسين....
الفيلم نسائي البطولة بينما الرجال فيه ضيوف شرف وهذا الوضع كان مقصود من المؤلف....
الراحل القدير " حمدي أحمد " كان تمثيله صامتا طوال العمل ورمز الكاتب به في رأيي الي الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر " الذي أسس القرية كما في الفيلم ثم ألم به المرض "هزيمة 76 ثم الموت " ليري نهاية القرية التي أسسها برحيل أهلها عنها وتركها كواحة أشباح..... تذكرت أيضاً دور الراحل عماد حمدي في فيلم سواق الاتوبيس وكيف بيعت ورشته في النهاية أمام عينه ليموت متحسرا في نهاية الفيلم...
كل فناني العمل كانوا في حالة من التوهج الفني ولكني هنا أخص بالذكر شريهان وعبدالله محمود وهما في رأيي من أقوى من عبر فنيا عن الصعيد بشكل أقرب الي الجداريات في المعابد....
أخيرا.....تحية الي روح الفنان الكبير رضوان الكاشف الذي صنع تلك اللوحة الفنية كصرخة من قلب مصري تعبر عن وجع من أوجاع هذا الوطن ربما يعود المهاجر الي واحته وأهله وخبيئته.......

مجتمع المدونين المصريين